إن الثورة في روسيا قد فاجأت الجميع ما عدا
الديموقراطيين-الإجتماعيين. فمنذ زمن طويل تنبأت الماركسية بحتمية
الثورة الروسية التي كان لا بد من أن تنفجر نتيجة للصراع القائم بين
التطور الرأسمالي وبين قوى الحكم المطلق المتحجرة. ولقد بينت الماركسية
سلفا طابع الثورة القادمة. فعندما أطلقت عليها صفة الثورة البرجوازية
كانت إنما تشير إلى أن الأهداف العاجلة للثورة تتلخص في توفير "الظروف
الطبيعية لتطوير المجتمع البرجوازي كله".
لقد كانت الماركسية على حق، هذا أمر لا يحتاج إلى
نقاش أو إثبات. إن مهمة من نوع جديد تواجه الماركسيين الآن: إنهم
مطالبون بأن يكتشفوا "الإمكانات" الكامنة في الثورة التي تتولى أمامنا
بواسطة تحليل تركيبها الداخلي. وكل من يحاول تشبيه ثورتنا بأحداث
1789-1793 أو أحداث 1848 إنما يقع في خطأ فادح. فلا يمكن للمقارنات
التاريخية، التي تعيش عليها الليبرالية وتتغذى بها، أن تحل محل التحليل
الإجتماعي.
إن الثورة الروسية تتميز بطابع فريد هو حصيلة
الإتجاه الخاص الذي سار فيه التطور الإجتماعي والتاريخي عندنا، والذي
يفتح أمامنا آفاقا تاريخية جديدة. |