أمليت عبر الهاتف:
15 ديسمبر 1922
نشرت
لأول مرة في: صحيفة برافدا العدد 2، 4 يناير 1923؛ موقعة: ن.لينين. نُشرت وفقًا لنص برافدا الذي تم التحقق منه مع ملاحظات
المصدر: الأعمال الكاملة للينين، النسخة الإنجليزية الثانية، دار التقدم، موسكو، 1965، المجلد 33، الصفحات 462-466
التحرير الرقمي: علي بطحة (تموز 2024)
صدر في الأيام الأخيرة عن التعليم في روسيا وفقا لمعطيات إحصاء 1920 ( (( التعليم في روسيا )) , موسكو , 1922 , مكتب الإحصاءات المركزي , قسم إحصاءات التعليم العام ) , يشكل حدثا على جانب كبير من الأهمية .
وفيما يلي أنقل لوحة مأخوذة من هذا الملف تبين حالة التعليم في روسيا في عامي 1897 و 1920 :
عدد الرجال الذين يعرفون القراءة والكتابة (من كل ألف رجل) |
عدد النساء اللواتي يعرفن القراءة والكتابة (من كل ألف امراة) |
عدد الأشخاص الذين يعرفون القراءة والكتابة (من كل ألف شخص) |
||||
1897 | 1920 | 1897 | 1920 | 1897 | 1920 | |
1- روسيا الاوروبية | 326 | 422 | 136 | 255 | 229 | 330 |
2- القفقاس الشمالي | 241 | 357 | 56 | 215 | 150 | 281 |
3- سيبيريا(الغربية) | 170 | 307 | 46 | 134 | 108 | 218 | وبصورة وسطية | 318 | 409 | 131 | 244 | 223 | 319 |
بينما نطنب في الكلام بصدد الثقافة البروليتارية وعلاقاتها بالثقافة البرجوازية , تقدم لنا الوقائع أرقاما تدل على أن الأمور تسير بصورة سيئة جدا عندنا حتى فيما يخص الثقافة البرجوازية . والحقيقة , كما كان ينبغي أن يتوقع , هي أننا ما نزال بعيدين جدا عن التعليم الابتدائي العام , وان تقدمنا بالذات بالنسبة إلى العهد القيصري ( 1897 ) بطيء جدا . وهذا تحذير صارم ولوم لأولئك الذين كانوا وما يزالوا يحلقون في سماء (( الثقافة البروليتارية )) . فان هذه الأرقام تبين لنا أي عمل شاق وعاجل ما يزال يترتب علينا القيام به لكي نبلغ مستوى بلد متمدن عادي في أوربا الغربية .
وكذلك تبين هذه الأرقام أي قدر هائل من العمل يترتب علينا القيام به الآن لكي نبلغ فعلا , على أساس مكتسباتنا البروليتارية , مستوى من الثقافة على شيء من الارتفاع .
وينبغي لنا أن لا نقتصر على هذه الحقيقة التي لا جدال فيها , ولكن النظرية جدا . إنما ينبغي لنا أن ننكب على المهمة من الناحية العلمية أيضا لدن إعادة النظر المقبلة في ميزانيتها لثلاثة أشهر . إن ما يجب تخفضيه في الدرجة الأولى , ليس , بالطبع , نفقات مفوضية الشعب للتعليم العام , بل نفقات الدوائر الأخرى , قصد استخدام المبالغ المتوافرة على هذا النحو في تلبية حاجات مفوضية الشعب للتعليم العام . ويجب ألا نقتر في زيادة حصة المعلمين من الخبز في سنة كهذه السنة , إذ إن مؤونتنا من الحبوب حسنة نسبيا .
إن العمل الذي يجري حاليا في مضمار التعليم العام لا يمكن , على العموم , اعتباره ضيقا جدا . فان جهود كبيرة تبذل لتحريك سلك المعلمين القديم , ولدعوته إلى القيام بمهمات جديدة , وإثارة اهتمامه بالطريقة الجديدة لطرح قضايا التربية , وإثارة اهتمامه بالطريقة الجديدة لطرح قضايا التربية , وإثارة اهتمامه بمسائل كمسألة الدين .
ولكننا نهمل الأساسي . فإننا لا نهتم , أو أننا نهتم بصورة ناقصة جدا , بتوفير وضع رفيع للمعلم لا يمكن بدونه أن تكون أي ثقافة , لابروليتارية ولا حتى برجوازية . والمقصود هذه اللاثقافة شبه الآسيوية التي لم نخرج منها حتى الآن , والتي لن نستطيع الخروج منها دون جهود جدية , هذا مع العلم انه تتوافر لنا إمكانية الخلاص من هذا الحال , طالما الجماهير الشعبية لا تهتم بالثقافة الحقيقية في أي بلد من بلدان العالم قدر ما تهتم بها عندنا , طالما ان قضايا هذه الثقافة لا توضع في أي بلد بنفس القدر من العمق والانسجام الذي توضع به عندنا ؛ وان سلطة الدولة في أي بلد من بلدان العالم لا تمارسها الطبقة العاملة التي يدرك سوادها تمام الإدراك النواقص , ولا أقول في ثقافتها , بل في تعليمها الابتدائي ؛ وأن الطبقة العاملة ليست مستعدة لان تبذل ولا تبذل فعلا في أي بلد آخر تضحيات بمثل هذه الجسامة , التي تبذلها بها عندنا , من اجل تحسين حالتها في هذا الميدان.
إننا ما نزال نفعل القليل القليل , القليل إلى ما لا حد له , من اجل تعديل كل ميزانية الدولة بصورة تلبي بالدرجة الأولى حاجات التعليم الابتدائي العام . وحتى في نطاق مفوضية الشعب للتعليم العام , يمكننا أن نجد في معظم الأحيان عددا مضخما بصورة فظيعة من الموظفين في مؤسسة كدار الدولة للطبع والنشر مثلا , وهذا دون أي اهتمام بأنه يجب على لدولة بان تعني, قبل كل شيء , لا بالطبع والنشر , بل أن يكون هناك قراء , بان يزداد عدد الأشخاص الذين يعرفون القراءة , لكي تأخذ حركة الطبع والنشر مدى سياسيا واسعا في روسيا المقبلة . ونحن , حسب عاداتنا القديمة ( والسيئة ) , نخصص للمسائل التكنيكية كمسألة الطبع والنشر , من الوقت والجهود أكثر بكثير مما نخصص لمسألة التعليم على الصعيد السياسي العام .
وإذا أخذنا الإدارة المركزية للتعليم المهني , فنحن على يقين بأنه يمكننا أن نجد هناك أيضا كثرة كثيرة من الأمور النافلة , التي تضخمها مصلحة إدارية ضيقة , والتي لا تستوحي ضرورات التعليم العام والواسع . وما يجري في الإدارة المركزية للتعليم المهني لا بعد من أن ينبعث كله من الرغبة المشروعة في إنهاض تعليم شبيبتنا في المصانع والمعامل قبل كل شيء , وتوجيه هذا التعليم توجيها عمليا . وذا درسنا بانتباه حالة ملاك هذه الإرادة , وجدنا في هذا الحال كثرة كثير من العناصر المتضخمة والصورية يجب إلغاءها . ففي دولة البروليتاريا والفلاحين , يمكن ويجب , قصد تطوير العليم العام , توفير الكثير والكثير , سواء بإلغاء مختلف المؤسسات غير المجدية من الطراز شبه الارستقراطي , أو بإلغاء المؤسسات التي نستطيع وسنستطيع ويترتب علنا زمنا طويلا الاستغناء عنها , نظرا إلى حالة التعليم العام التي كشفتها الإحصاءات .
ينبغي لنا أن نؤمن للمعلم الشعبي عندنا مكانة رفيعة لم يملكها قط ولا يمكن له أن يملكها في المجتمع البرجوازي . وهذه حقيقة لا تحتاج إلى برهان . وينبغي لنا أن نسير نحو هذا الوضع عاملين بانتظام ومثابرة ودأب على رفع مستوى المعلم فكريا , على إعداده في جميع الميادين في رسالته السامية ؛ ولكن الرئيسي ، الرئيسي أبدا ودائما , إنما هو تحسين وضعه المادي .
يجب تعزيز العمل التنظيمي بين المعلمين الشعبيين بدأب وانتظام , لكي نحولهم من سند للنظام البرجوازي , كما هم عليه حتى الآن في جميع البلدان الرأسمالية دون استثناء , إلى سند للنظام السوفياتي , لكي نستطيع بواسطتهم انتزاع الفلاحين من التحالف مع البرجوازية واجتذابهم إلى التحالف مع البروليتاريا .
وتجدر الإشارة بإيجاز إلى انه ينبغي , بنوع خاص , أن يزور العمال الريف بانتظام , مع العلم أن هذه الزيارات تجري وانه ينبغي تطويرها حسب برنامج .
وللتدبير من نوع هذه الزيارات , يجدر تخصيص اعتمادات غالبا جدا ما ننبذها بلا فائدة على جهاز إداري يعود بكليته تقريبا إلى مرحلة تاريخية قديمة .
لقد كنت اجمع المواد للخطاب الذي لم استطع ان القيه في مؤتمر السوفياتات , في كانون الأول ( ديسمبر ) 1922 , والذي يكان سيعالج رعاية عمال المدن لسكان الأرياف . وبعض هذه المواد قدمها لي الرفيق خودوردفسكي . واني اعرض اليوم هذه المسالة على الرفاق ليدرسوها ، طالما قد استحال علي صياغتها بنفسي وإعلانها بواسطة مؤتمر السوفياتات .
والمسألة السياسية الأساسية هنا إنما هي مسالة موقف المدينة من الريف , هذه المسألة التي تتسم بأهمية حاسمة بالنسبة إلى كامل ثورتنا . فبينا الدولة البرجوازية تبذل جهودها بدأب وانتظام لتخبيل عمال المدينة , مكيفة لهذا الغرض جميع المنشورات المطبوعة على نفقة الدولة , وعلى نفقة الأحزاب الملكية و البرجوازية , نستطيع ويجب علينا أن نستخدم سلطتنا لكي نجعل فعلا من عامل المدينة ناشرا لأفكار الشيوعية في صفوف البروليتاريا الريفية .
قلت (( الشيوعية )) , ولكني أبادر إلى إبداء بعض التحفظات , خوفا من إثارة سوء فهم أو من أن أفهم فهما حرفيا بالغا . إن ما قلته إنما يجب ألا يفهم في أي حال من الأحوال بمعنى انه يترتب علينا أن نحمل فورا إلى الريف أفكارا شيوعية صرفا ضيقة المفهوم . فيمكن القول بأن ذلك سيعني القيام بعمل ضار , بعمل مشئوم على الشيوعية , طالما لا نملك في الأرياف قاعدة مادية من اجل الشيوعية .
كلا . يجب البدء بإقامة صلة بين المدينة والريف , دون أن نهدف مسبقا إلى غرس الشيوعية في الأرياف . فان هذا الهدف لا يمكن بلوغه اليوم . وليس الوقت وقته . إن ابتغاء هذا الهدف لن يفيد قضيتنا بل يسيء إليها .
إما أن نقيم صلة بين عمال المدينة وشغيلة الريف , أن نقيم بينهم شكل رفاقية يمكن بسهولة إيجاده , فهذا واجبنا ، مهمة من المهمات الأساسية التي تواجه الطبقة العاملة القابضة على زمام السلطة . ولهذا الغرض , من الضروري تأسيس جملة من الاتحادات ( الحزبية والنقابية الخاصة ) تتألف من عمال المصانع والمعامل , ويكون هدفها المساعدة بانتظام على تطوير الأرياف في المضمار الثقافي .
فها نتمكن من (( ربط )) جميع خلايا المدينة بجميع خلايا الريف , لكي تترصد كل خلية عمالية (( مربوطة )) بخلية ريفية , تترصد على الدوام جميع الفرص من أجل تلبية هذه الحاجة الثقافية أو تلك من الحاجات الخلية المربوطة بها ؟ أم أننا سنتمكن من إيجاد أشكال أخرى للصلة ؟ أي اقتصر هنا على طرح السؤال لكي الفت انتباه الرفاق , لكي أشير إلى تجربة سيبيريا الغربية ( إن الرفيق خوردوروفسكي هو الذي أفادني عنها ) , ولكي اطرح هذه القضية الثقافية الهائلة ذات الأهمية التاريخية العالمية , بكل مداها .
إننا نكاد أن لا نفعل شيئا من أجل الأرياف خارج ميزانيتها الرسمية أو خارج علاقاتنا الرسمية . يقينا أم العلاقات الثقافية بين المدينة والريف ترتدي بحد ذاتها وترتدي حتما طابعا آخر تماما . فالتأثير الذي كانت تمارسه المدينة في ظل النظام الرأسمالي على الريف كان يفسد الريف سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا وجسديا , الخ …أما عندنا فان المدينة أخذت , من تلقاء ذاتها , تمارس تأثير ا معاكسا إطلاقا على الريف . ولكن هذا كله يجري بالضبط تلقائيا , عفويا , ومن الممكن تعزيز كل ذلك ( ثم مضاعفته مئة ضعف ) إذا جعلنا هذا العمل واعيا , دائبا , منتظما .
أننا لن نشرع في التقدم إلا عندما ندرس هذه المسالة ( سنتقدم بكل تأكيد بسرعة تزيد مئة مرة ) وعندما نؤسس اتحادات عمالية من كل شاكلة ونوع – مع وقايتها بجميع الوسائل من تفشي الروح البيروقراطية فيها – لكي نطرح هذه القضية ونبحثها ونحلها عمليا .
2 كانون الثاني ( يناير ) 1923 المؤلفات – المجلد 33 – ص 474 – 479